الرد الإيراني : رسالة قوية وتوازن حذر

 


كتب: حيدر الزركاني*

خلفية

في سياق التوترات المتصاعدة في المنطقة، بعد السابع من أكتوبر 2023 ، فجّر، الاعتداء  الإسرائيلي على المبنى الملحق بالقنصلية الإيرانية في دمشق ، في الاول من نيسان ابريل الجاري، و اسفر عن مقتل 16 شخصًا، من بينهم قائد كبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري. العميد محمد رضا زاهدي وسبعة ضباط آخرين . تساؤلات  كبيرة عن طبيعة الرد الايراني ، بعد ان عرقلت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ، بياناً صاغته روسيا في مجلس الأمن الدولي، كان من شأنه إدانة الاعتداء توعد كبار القادة الايرانيين بالانتقام والرد.

وفي الساعات الاولى ليوم الاحد الرابع عشر من نيسان ابريل جاء رد طهران عبر اطلاق اكثر من 300 طائرة مسيرة و صاروخ من الاراضي الايرانية باتجاه اهداف محددة داخل الاراضي المحتلة (اسرائيل). معلنة انتهاء ما يعرف بـ ( الصبر الاستراتيجي ) وبدء الرد المباشر على أي اعتداء تقوم به اسرائيل على ايران او مصالحها.

سمات الرد الايراني

 اتّسم الرد الإيراني بِمَيزتين بارزتين: القوة والتوازن.

القوة:

     • أظهر الرد الإيراني رسالة قوية مفادها أن إيران لن تتسامح مع الاعتداءات على أمنها وسيادتها. 

  • استهدفت إيران أهدافًا عسكرية إسرائيلية  ، مُرسلةً رسالة مفادها أنّه لن يتمّ التغاضي عن أيّ عدوان.

   • أبرز الرد الإيراني قدراتها العسكرية المتقدمة، حيث استطاعت استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية  دون التسبب بأيّ خسائر بشرية مدنية.

التوازن:

 • حرصت إيران على حصر ردها على استهداف مواقع عسكرية إسرائيلية  ، تجنّبًا لأيّ تصعيدٍ شاملٍ قد يُجرّ المنطقة إلى حربٍ لا تُحمد عقباها.

 • أظهرت إيران التزامها بقواعد القانون الدولي، حيث لم تستهدف أيّ أهداف مدنية أو اقتصادية إسرائيلية.

نهج ايراني مدروس

تُشير هذه الميزات إلى نهجٍ إيرانيٍ مدروسٍ ومسؤولٍ تجاه هذا التحدي الأمني. وسعى الرد الإيراني إلى تحقيق التوازن بين الردّ القوي على العدوان وحماية الاستقرار الإقليمي.

يُمكن تفسير هذا النهج على النحو التالي:

 تُدرك إيران أنّ أيّ تصعيدٍ شاملٍ قد يُضرّ بمصالحها في المنطقة على المدى الطويل.

لذلك قال القائد العام للحرس الثوري الإيراني حسين سلامي إن إيران قامت بعملية محدودة ناجحة وضربت المواقع التي كانت منطلقا لاستهداف قنصليتها في سوريا. وحذر إسرائيل من أنها إذا هاجمت المصالح الإيرانية في أي مكان، فإنّ إيران سترد عليه بهجوم مضاد. مما دعا الرئيس جو بايدن  الى تحذير رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من ان واشنطن ستعارض أي هجوم إسرائيلي على إيران. و اعتبار ما حدث نصرا، لأن تقييم واشنطن يؤكد أن ردّ إيران غير ناجح،  و يتم  الترويج الان الى  ان صد الهجوم الإيراني إنجاز إسرائيلي كبير.

     تُقدّر إيران مخاطر نشوب حربٍ إقليميةٍ قد تُجرّ المنطقة إلى الفوضى.

 وهذا ما يفسر غياب عنصر المفاجأة في الرد الايراني اذ اعلن وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان ان طهران اعلمت دول المنطقة بالهجوم قبل 72 ساعة واوصلت رسائل الى الولايات المتحدة ان الرد سيكون محدودا.

 تؤمن إيران بأهمية التواصل مع المجتمع الدولي لحلّ الخلافات . مما يتيح لها فرصة للتفاوض .

 بشكلٍ عام، يُمكن القول أنّ الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي في دمشق كان قويًا ومُتوازنًا، وأظهر التزام إيران بأمنها وسيادتها مع الحرص على الاستقرار الإقليمي.

يبقى السؤال مفتوحًا حول كيفية تطور الأحداث في المستقبل، وكيف ستردّ إسرائيل على الردّ الإيراني.


*رئيس مركز المرايا للدراسات والإعلام

النجف الاشرف

أحدث أقدم